حزبه ، أي حاشيته الصاغية له وجماعته الملتفين حوله ، ليصيروا من أهل النار ، فتكون اللام في (لِيَكُونُوا) لام الصيرورة ، لأنه لم يدعهم صراحة إلى السعير ، وإنما ترتب على الاستجابة لوساوسه صيرورة أمرهم منه إلى ذلك. والسعير : طبقة من طبقات جهنم ، وهي سبع طبقات.
وجزاء فريقي الآخرة معروف ، فالذين كفروا بالله ورسوله ، وأنكروا الآخرة ، واتبعوا وساوس الشيطان ، لهم عذاب شديد في نار جهنم ، لأنهم أطاعوا الشيطان ، وعصوا الرحمن.
والذين صدقوا بالله ورسوله وباليوم الاخر ، وعملوا صالح الأعمال من اتباع الأوامر ، واجتناب النواهي ، لهم مغفرة لذنوبهم وأجر كبير ، وهو الجنة ، بسبب الإيمان والعمل الصالح.
وفرق كبير بين الفريقين ، فكيف يتساوى المحسن والمسيء وكيف يتماثل الذين حسّن لهم الشيطان أعمالهم ، ظانين أنهم محسنون صنعا ، وأولئك المهتدون على طريق الحق والخير؟ والمراد بمن زيّن له سوء عمله : كفار قريش وأمثالهم. وقوله تعالى : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) جوابه محذوف ، تقديره : كمن اهتدى. ثم واسى الله تعالى نبيه عن كفر قومه ، ببيان أن من شاء الله إضلاله أضلّه ، ومن شاء هدايته هداه ، بسبب ما يعلم الله من استعداد كل واحد لتقبل الخير ، أو حبّ الشر ، ويجب التسليم لله تعالى في إضلال من شاء ، وهداية من شاء.
وأمر الله نبيه بالإعراض عن أمر قومه ، وألا يهلك نفسه أو يوقعها في الغم والحزن ، بسبب عدم إيمان قومه ، وإصرارهم على الكفر ، وبقائهم في الضلال ، فالله عليم بأحوالهم واستعداداتهم ، وعالم بما يفعلون من المنكرات والقبائح ، فيجازيهم بما يستحقون. وهذا وعيد للكفار ، وتهديد ، وزجر بليغ ، والمراد بقوله : (فَلا تَذْهَبْ