الآية الأولى : (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) تثبيت من الله تعالى لأمر نبيه وبيان لمنزلة القرآن ومهمته بين الكتب السماوية ، فالذي أوحينا إليك أيها النبي وهو القرآن المجيد : هو الحق الثابت الدائم المنزل إليك ، مصدقا ومؤيدا لما تقدمه أو لما بين يديه من الكتب السابقة ، وهو التوراة والإنجيل. إن الله محيط علمه بأمور عباده ، بصير مطّلع على أحوالهم. وهذا وعيد لمن أعرض عن القرآن وهجره إلى غيره.
ثم توارث معاني القرآن وعلمه وأحكامه وعقائده ، بقضاء الله وقدره ، جماعة من عباد الله وهم أمة محمد صلىاللهعليهوسلم اختارهم لتحمّل عبء الرسالة القرآنية ، فكانوا أقساما ثلاثة :
ـ فمنهم الظالم لنفسه ، أي الذي تجاوز الحد ، وهو المفرّط في فعل بعض الواجبات المرتكب لبعض المحرمات ، وهو العاصي المسرف.
ـ ومنهم المقتصد : المتوسط المؤدي للواجبات ، التارك للمحرمات ، وهو المتقي للكبائر ، لكنه يرتكب بعض الصغائر ، ويترك بعض المستحبات المرغوب فيها.
ـ ومنهم السابق بالخيرات بإذن الله : وهو الذي يفعل الواجبات والمستحبات ، والمتقي على الإطلاق. وبإذن الله : معناه بأمره ومشيئته فيمن أحب من عباده.
والأصناف الثلاثة في الجنة بسبب الإيمان ، وتوريث الكتاب واصطفاء بعض الناس ليكونوا أمة الدعوة أمة محمد وما يكون من الرحمة : هو فضل عظيم من الله تعالى. وأورثنا : معناه أعطيناه فرقة بعد موت فرقة. أخرج الترمذي وحسنه والطبراني والبيهقي في البعث ، وغيرهم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية وقال : «كلهم في الجنة».
وجزاء المؤمنين المصطفين : أن يدخلهم ربهم جنات إقامة دائمة يوم المعاد ، يحلّون فيها أساور من ذهب ، مرصع باللؤلؤ ، ويكون لباسهم حريرا خالصا ، أباحه الله