عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠) وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤)) (١) [يس : ٣٦ / ٣٠ ـ ٤٤].
يا حسرة : المنادي محذوف ، أي يا جماعة تحسروا حسرة على هؤلاء ، أو المنادي : الحسرة نفسها ، أي هذا أوانك فاحضري.
والمعنى : يا حسرة العباد على أنفسهم بسبب تكذيبهم الرسل ، فلم يأتهم رسول من عند الله ، لدعوتهم إلى التوحيد والحق والخير لأنفسهم ، إلا استهزءوا به وكذّبوه ، وجحدوا ما أرسل به من الحق. وقوله : (يا حَسْرَةً) نداء للحسرة بقصد الندبة والتحسر ، بمعنى : هذا وقت حضورك وظهورك ، والمراد التلهف على العباد والإشفاق عليهم ، حين يزج بهم في العذاب. وهذا تمثيل لفعل قريش. ثم عناهم الله تعالى بقوله : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا ..) أي ألم يتعظوا بمن أهلك الله قبلهم من المكذبين للرسل كعاد وثمود ، وأنهم لا رجعة لهم إلى الدنيا ، خلافا لمزاعم الدهرية أنهم يعودون إلى الدنيا كما كانوا قبلهم. ثم أعلمهم الله تعالى بوجود الحساب وعقاب الآخرة بعد عذاب الدنيا ، فإن جميع الأمم الماضية والحاضرة والمستقبلية سيتم إحضارهم للحساب يوم القيامة ، بين يدي الله عزوجل ، فيجازيهم بأعمالهم كلها خيرها وشرها ، وهذا يدل على أن من أهلكه الله في الدنيا له حساب وعقاب آخر في الآخرة.
ومن الآيات أو العلامات الدالة على قدرة الله تعالى على البعث وغيره :
__________________
(١) الشمراخ المعوج ، عود النخل.