بمرض شديد في جسمه ، حتى نحل جسمه ، وأصبح هزيلا ، ثم أناب ، أي رجع إلى حال الصحة ، وقال : رب اغفر لي ما صدر عني من الذنب الذي ابتليتني لأجله ، وهذا من باب السمو بتصور الخطيئة ، التي لا تعدو أن تكون تركا للأفضل والأولى ، وامنحني ملكا عظيما لا يحصل لأحد غيري مثله ، إنك أنت الكثير الهبات والعطايا ، فأجب دعائي. ويكون المراد بإلقاء الجسد على كرسيه : أنه مرض مرضا كالإغماء ، حتى صار على كرسيه جسدا ، كان بلا روح. والمراد بقوله (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) أن يتفرد به بين البشر كرامة له.
فأجاب الله دعاءه ومنحه خمس نعم هي :
١ ـ لقد ذللنا الريح ، تنقاد لأمره ، وتجري لينة طائعة في قوة وسرعة ، تحمله حيث اتجه إلى أي مكان أراده.
٢ ـ وذللنا له أيضا الشياطين تعمل بأمره ، إما في بناء المباني العظيمة ، وإما في الغوص في البحار ، لاستخراج الدرر واللآلئ والمرجان ، وإما في أعمال أخرى.
٣ ـ وذللنا له شياطين آخرين ، وهم مردة الشياطين ، حتى إنه قرنهم في القيود والسلاسل ، قمعا لشرهم ، وعقابا لهم. ومقرنين : موثقين.
٤ ـ وجعلنا له حرية التصرف فيما أعطيناه من الملك العظيم والثروة ، والسيطرة على الريح والشياطين ، وأذنّا له أن يمنح من ثروته من يشاء ، ويمنع من يشاء ، بلا حساب عليه في الإعطاء أو الإمساك (المنع) أو يمنّ على من شاء من الجن فيطلقه أو يقيده كما قال قتادة.
٥ ـ وإن له في الآخرة لقربى وكرامة عند الله تعالى ، وحسن مرجع وهو الجنة ، وفيض ثواب ، فهو ذو حظ عظيم عند الله يوم القيامة.
إن هذه النعم العظيمة على سليمان عليهالسلام تدل على عظيم فضل الله ، وعلى