وقوله تعالى : (مِنْ شَكْلِهِ) أي من مثله وعلى شاكلته. و (أَزْواجٌ) أي أصناف وأجناس. و (مُقْتَحِمٌ) داخل فيها بشدة.
فيقول الأتباع لقادتهم : بل أنتم لا مرحبا بكم ، أي لا كرامة لكم ولا خير تلقونه ولا سعة مكان ، وأنتم أحق بهذا منا ، إنكم بإغوائكم أسلفتم لنا ما أوجب هذا ، فكأنكم فعلتم بنا هذا ، فبئس المقر جهنم لكم ولنا.
فيقول الأتباع أيضا للروساء : يا ربنا كل من أوردنا هذا المورد ، في النار ، فزده عذابا مضاعفا في جهنم عقابا على الكفر والإضلال.
وقال جماعة من زعماء الكفر تحسرا وتعجبا : ما لنا لا نجد في النار رجالا كنا نعدهم في الدنيا أشرارا لا خير فيهم؟! يريدون بذلك ضعفاء المؤمنين ، كعمار وخباب وصهيب وبلال وسالم وسلمان. والزعماء القائلون هذا في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم : هم أبو جهل بن هشام ، وأمية بن خلف ، وأهل القليب (أهل البئر الذين دفنوا فيه من زعماء المشركين في بدر). ويريدون بقولهم : «كنا في الدنيا نعدّهم أشرارا لا خلاق لهم» أنهم في زعمهم سيكونون في النار. هل لأننا سخرنا منهم أو سخرناهم في أعمال الدنيا ، فلم يدخلوا النار ، أم مالت عنهم الأعين والأبصار ، وهم في الجنة؟! أمفقودون هم أم زاغت عنهم الأبصار؟ والمعنى : أليسوا معنا ، أم هم معنا ولكن أبصارنا تميل عنهم فلا نراهم؟!
ثم أخبر الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم بقوله : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٦٤) أي إن ذلك الذي حكاه الله عن قادة الكفر : هو حق قائم ثابت ، لا بد منه ، ولا بد أن يتكلموا به ، فإن تخاصم أو تنازع أهل النار أمر حتمي واقع يوم القيامة ، وتخاصم بدل من قوله : (لَحَقٌ)
إن هذا الحوار الحامي يقع بين الرؤساء والأتباع ، رؤساء الضلالة والإضلال ،