أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٨٧) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (٨٨)) [ص : ٣٨ / ٧١ ـ ٨٨].
المعنى : اذكر أيها النبي قصة خلق آدم ، حين قال الله تعالى للملائكة : إنني موجد بشرا مخلوقا هو آدم من طين ، أي تراب مخلوط بالماء ، فإذا أتممت خلقه ، بعثت فيه الحياة وأوجدته بأن نفخت فيه من روحي ، فاسجدوا له سجود تحية وتكريم ، لا سجود عبادة وتأليه وتقديس.
وقوله تعالى : (مِنْ رُوحِي) إضافة ملك إلى مالك ، لأن الأرواح كلها هي ملك لله تبارك وتعالى ، وأضيف ذلك إلى الله تشريفا. والنفخ من الروح تمثيل لإفاضة ما تكون به الحياة ، فليس هناك نافخ ولا منفوخ.
فامتثل الملائكة أمر الله تعالى ، وسجدوا لآدم بأجمعهم لم يبق أحد منهم ، وفي آن واحد ، لا متفرقين إلا إبليس امتنع متكبرا متعاظما عن السجود ، وكان بهذا الرفض أو الامتناع كافرا ، من فئة الكافرين ، لمخالفته أمر الله تعالى ، والخروج عن طاعته.
فقال الله تعالى على سبيل التوبيخ والإنكار : يا إبليس ما الذي منعك من السجود لآدم ، الذي توليت خلقه بنفسي ، من غير أب ولا أم ، هل استكبرت عن السجود الآن ، أو كنت من القوم المتعالين عن ذلك في الماضي؟ والمراد : إنكار الأمرين معا ، وهما رفض السجود والتعالي عن السجود.
قال إبليس : إنني خير من آدم ، فإني مخلوق من نار ، وآدم مخلوق من طين ، والنار خير وأشرف من الطين في زعمه ، لارتفاعها وعلوها ، ولأن التراب عنصر راكد هابط ، لا ارتفاع فيه. وهذا توهم أن النار أفضل من الطين ، وهو قياس فاسد ، لا يصلح أمام النص أو الأمر الإلهي بالطاعة والسجود لآدم.
فقال الله تعالى : فاخرج يا إبليس من الجنة أو من السماء ، فإنك مرجوم