به خيرا ، أي يقبله منهم. والشكر الحقيقي يتضمن الإيمان. وبعبارة أخرى : لا يقع الكفر إلا بإرادة الله تعالى ، إلا أنه بعد وقوعه لا يرضاه الله دينا لعباده. واستغناء الله عن خلقه هو الدليل الثالث على قدرته.
قال ابن عباس عن هذه الآية : (إِنْ تَكْفُرُوا ..) هذه الآية مخاطبة للكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم. وكلمة (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) هم المؤمنون. ويحتمل أن تكون الآية مخاطبة لجميع الناس ، لأن الله غني عن جميع الناس.
والمبدأ في المسؤولية أمام الله : إنما هو المسؤولية الشخصية أو الفردية ، فلا تحمل نفس إثم أو ذنب نفس أخرى ، والوزر : الثقل ، وإنما كل إنسان مطالب بأمر نفسه ، من خير أو شر. والجزاء على قدر العمل ، فإن مصيركم جميعا أيها الخلائق إلى ربكم يوم القيامة ، فيخبركم بأعمالكم من خير أو شر ، إنه سبحانه وتعالى خبير بما تخفيه النفوس من أسرار ، فلا تخفى على الله خافية.
وهذا خبر يتضمن الحض على أن ينظر كل أحد في خاصة أمره وما ينوبه في ذاته ، كما يتضمن أيضا أن مرجعهم في الآخرة إلى ربهم ، أي إلى ثوابه أو عقابه ، فيطلع كل أحد على أعماله ، لأنه تعالى المطلع على نيات الصدور وسرائر الأفئدة.
الإنسان في وقت المحنة
الإنسان في منهاج حياته لا يسير على منوال واحد ، ما دام مستكبرا معاندا مكابرا الحقائق ، فتراه يصر على الكفر بالله بفلسفات بالية وعقائد موروثة ساذجة ، حتى إذا ألم به ضرر ، أو تعرض لأزمة أو محنة ، بادر إلى الاستعانة بالله تعالى ، والتضرع إليه ، إذ لا يجد في أصائل نفسه طريقا للفرج إلا الله القوي القادر الذي يكشف الضر ، ويدفع الشر ، وهذا دليل على تناقض الكافر ، يضرع إلى الله تعالى وقت الشدة ،