الحمد لله على إقامة الحجة على عبدة الأوثان ، وعلى أن الحمد لله لا لغيره ، وعلى التوفيق للإسلام والحق ، بل أكثر الناس لا يعلمون هذا الفرق ، فيشركون مع الله غيره. وبما أن أكثر الناس جاهلون بالحق ، لا ينتفعون بهذا المثل ، هدد الله تعالى بالموت ، فمصير جميع الخلائق إلى الله ، وهو الذي يفصل بينهم في مظالمهم ، والموت عاقبة كل حي ، فإنك أيها النبي ميت ، وهم سيموتون ، ثم يكون التقاضي عند الله تعالى فيما اختلفتم فيه في الدنيا من التوحيد والشرك ، فينجي الله المؤمنين الموحدين ، ويعذّب المشركين المكذبين.
والتخاصم في الآخرة ليس خاصا بين المؤمنين والكافرين ، وإنما هو حادث بين كل متنازعين في الدنيا ، فإنه تتكرر المنازعة في الآخرة. وهو دليل على أن النبي محمدا صلىاللهعليهوسلم سيخاصم قومه ، ويحتج عليهم بأنه بلّغهم الرسالة ، وأدى الأمانة ، وأنذرهم وبشرهم ، وهم يخاصمونه ويعتذرون بما لا معنى له ، وهذا توعد للمشركين : بأنهم سيتخاصمون يوم القيامة في ردهم شريعة الله ، وتكذيبهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
أخرج الإمام أحمد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أول الخصمين يوم القيامة : جاران».
وعيد المكذبين ووعد المصدقين
ليس هناك بعد الشرك بالله أسوأ من الكذب ، وإن الذين يفترون الكذب لا يفلحون ، والكذب أخس صفة تؤدي إلى الطعن بالرجولة ، وتدل على فقد الثقة بالنفس ، وضعف الإنسان ، وتورطه بالنفاق ، لذا كان أسوأ اعتقاد المشركين تكذيب الله تعالى بإثبات ولد له أو شريك ، وتكذيب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد إثبات صدقه في نبوته ، بالأدلة القاطعة والمعجزات الباهرة ، فاستحقوا الوعيد في نار