قومك وأمثالهم : كيف تأمروني أيها الجهال بعبادة غير الله تعالى؟ بعد قيام الأدلة القطعية على تفرده بالألوهية ، فهو خالق الأشياء ومدبرها ورازق الأحياء ، فلا تصلح العبادة إلا له تعالى.
وسبب نزول هذه الآية : هو كما روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس : أن المشركين من جهلهم ، دعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى عبادة آلهتهم ، وأن يعبدوا معه إلهه ، فنزلت هذه الآية : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) (٦٤).
ثم قرّر الله تعالى مبدأ إعلان الوحدانية الدائم في قوله : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ ..) أي إن أمر المشركين المساومين عجيب ، فلقد أوحي إلى النبي محمد وإلى كل نبي عليهم الصلاة والسّلام : لئن أشركت مع الله إلها آخر ، ليبطلنّ عملك ، ولتكونن من الذين خسروا أنفسهم ، وأضاعوا دنياهم وأخراهم. وهذا دليل على أن الشرك يحبط الأعمال ، ويضيعها هباء منثورا ، ولو كانت خيرا.
ثم أكد الله تعالى مقتضى الوحدانية بأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ، وأن يكون من الشاكرين نعم الله بالهداية والرسالة النبوية.
أما المشركون : فلم يقدروا الله حق قدره ، أي لم يعظموه حق تعظيمه ، حين عبدوا معه إلها آخر ، فإن الأرض كلها تحت سلطان الله وتصرفه وملكه والسماوات خاضعة لقدرته وسلطانه ومشيئته ، تنزه الله عما يشركون به من الشركاء. والمراد باليمين والقبضة في الآيات : أنها عبارة عن القدرة والقوة.
وسبب نزول هذه الآية كما روى الطبري : هو الرد على رهط من اليهود حين أتوا النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا محمد ، هذا الله خلق الخلق ، فمن خلقه؟ فغضب النبي ، ثم جاءه الجواب عما سألوا عنه بنزول سورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١) فلما تلاها عليهم النبي قالوا : صف لنا ربك ، كيف خلقه ، وكيف عضده ، وكيف