هذه مواقف ثلاثة مثيرة للخجل والندم ، موقعة في العجز والإحباط ، مفادها التوبيخ والتأنيب للمشركين في يوم الحساب ، والإشارة لقريش :
الأول ـ اذكر أيها النّبي يوم ينادي الله المشركين عبّاد الأصنام ، إما بواسطة أو بغير واسطة ، فيقول لهم : أين الآلهة التي زعمتم أنها شركاء في الألوهية؟ بمقتضى قولكم وزعمكم. والمقصود من السؤال : التوبيخ والتقريع ، إذ لا جواب عندهم ، وكأن ذلك موجّه أصالة للأعيان والرؤوس منهم ، الذين أوقعوا غيرهم في الغواية والضّلال ، تأكيدا لاستحقاقهم العذاب المضاعف ، لكنهم طمعوا في التّبري من الأتباع ، فأجابوا وقد ثبت عليهم مقتضى القول ، ولزمهم العذاب : ربّنا هؤلاء هم الأتباع الذين آثروا الكفر على الإيمان باختيارهم وإرادتهم ، وهؤلاء أضللناهم كما ضللنا نحن باجتهاد لنا ولهم ، وأحبّوا الكفر كما أحببناه ، فنحن نتبرأ إليك منهم ، وهم لم يعبدونا ، إنما عبدوا غيرنا. وهذا يعمّ جميع الكفرة ، لكن الجواب من المغوين من الشياطين : الجنّ ، ومن الإنس : الرؤساء والسّادة.
الثاني ـ نداء آخر للكفار لمعرفة ما أجابوا المرسلين الذين دعوهم إلى توحيد الله تعالى ، فيقال لهم : ادعوا شركاءكم الآلهة لتخليصكم مما أنتم فيه ، كما كنتم ترجون في الدنيا ، فدعوهم لفرط الدهشة والحيرة ، فلم يجيبوهم عجزا عن الجواب ، وتيقنوا أنهم صائرون إلى عذاب النار ، وودّوا حين معاينة العذاب المحيط بهم ، لو أنهم كانوا مهتدين إلى الإيمان بالحق والدين القويم. وهذا توبيخ وتقريع آخر ، لكشفهم أمام الناس ، والله يعلم كل ذلك سلفا.
الثالث ـ واذكر أيها النبي يوم ينادي الله سبحانه وتعالى أهل الشرك ، لمعرفة جوابهم للمرسلين إليهم ، وهل استجابوا لدعوتهم لتوحيد الله تعالى ، وإلى أصول الأخلاق ، وعبادة الله تعالى ، وإصلاح الحياة. ولكن أظلمت الأمور عليهم ،