تفسير سورة غافر
مصدر القرآن الكريم
لقد أدرك الكافرون من العرب والمؤمنون أن القرآن العظيم كلام الله تعالى ، لاختلافه التام عن كلام البشر من أدب وشعر ، ونثر وخطابة ، ولتفوقة في البلاغة والفصاحة ، ولسموه في النظم والمعنى والانسجام ، إلا أن من لم يؤمن به عائد وتحدى ، حفاظا على المراكز والمصالح ، ومن بادر إلى الإيمان به ، استجاب لنداء العقل والحكمة ، واختار لنفسه طريق السعادة والنجاة ، وحمى نفسه من التردي والضياع والخسران. وهذا ما قررته الآيات الشريفة الآتية بكل ثقة وبداهة في أول سورة غافر أو المؤمن التي هي مكية :
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٥) وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٦)) (١) (٢) [غافر : ٤٠ / ١ ـ ٦]
__________________
(١) أي مصدر الإنعام صاحب النعم والفضل والغنى ، فالطول : السعة والغنى.
(٢) أي ليبطلوا ويزيلوا به الحق.