تفسير سورة فصلت أو السجدة
موقف المشركين من القرآن
عارض المشركون المكيون النبي والقرآن معارضة شديدة ، اتسمت بالعناد والاستهزاء والتحدي ، فاستحقوا التهديد بقواصف العذاب ، وصواعق العقاب ، يتبين ذلك من سبب نزول أوائل سورة فصّلت أو سجدة المؤمن ، أو المصابيح ، التي هي مكية بإجماع المفسرين ، يروى أن عقبة بن ربيعة ذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليبيّن له أمر مخالفته لقومه ، وليحتجّ عليه فيما بينه وبينه ، وليبعد ما جاء به ، فلما تكلم عتبة ، قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (حم) (١) ومرّ في صدر هذه السورة ، حتى انتهى إلى قوله تعالى : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) (١٣) فأرعد الشيخ ، وقفّ شعره (١) ، وأمسك على فم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده ، وناشده بالرّحم أن يمسك ، وقال حين فارقه : «والله لقد سمعت شيئا ما هو بالشّعر ولا بالسّحر ولا بالكهانة ، ولقد ظننت أن صاعقة العذاب على رأسي». وهذه هي بداية هذه السورة :
(حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥) قُلْ إِنَّما (٢) (٣)
__________________
(١) أي أخذته الرعدة ، وقام من الفزع.
(٢) أي أغطية ، جمع كنان : وهو الجعبة : وعاء السهام.
(٣) أي صمم.