يجهر بتبليغ التوحيد والرسالة الإلهية : فقل أيها الرسول مجيبا قومك : ما أنا إلا بشر كواحد منكم ، لو لا نزول الوحي علي ، وخلاصة هذا الوحي : العلم والعمل ، أما العلم : فأساسه معرفة توحيد الله ، لأن الله تعالى بدليل خلق الكون وتسييره واحد لا شريك له ، فاستقيموا إليه على محجة الهدى وطريق الشرع والتوحيد ، بالعمل الصالح والعبادة الخالصة له ، واستغفروه من الذنوب السابقة ، وأولها الشرك بالله تعالى.
ثم هدد الله المشركين على موقفهم المعارض ، والمناوئ لدعوة التوحيد والحق ، ومضمون التهديد والوعيد : ويل : كلمة تهديد أو واد في جهنم ، للمشركين الذين أشركوا مع الله إلها آخر ، ولا يؤدون الزكاة للمحتاجين لكراهيتهم الناس ، وهم جاحدون بالآخرة ، منكرون لها. والزكاة : للمحاجين لكراهيتهم الناس ، وهم جاحدون بالآخرة ، منكرون لها. والزكاة : المال فهي قنطرة الإسلام ، وذلك بالمعنى العام للزكاة ، وإما زكاة النفس وهي (لا إله إلا الله) أساس التوحيد ، وهذا رأي الجمهور ، كما في قول موسى لفرعون : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) [النازعات : ٧٩ / ١٨]. ويرجح هذا التأويل أن الآية من أوائل السور المكية ، وزكاة المال نزلت بالمدينة ، فهي زكاة القلب والبدن ، أي تطهيرهما من الشرك والمعاصي.
وبعد تهديد المشركين ، وعد الله المؤمنين بالنجاة ، وذكر الله حالة الذين آمنوا لمقارنتها بحال الكفار المذكورين ، ليتبين الفرق. فالذين صدقوا بالله ورسوله ، وعملوا بما أمر الله تعالى وانتهوا عما نهى عنه ، لهم عند ربهم ثواب غير منقوص أو مقطوع ، أو لا يشتمل على المنّ والأذى ، فهو من جهة الله تشريف لا منّ فيه ، أما أعطيات البشر : فهي التي يدخلها المنّ.
وقال السدّي : نزلت هذه الآية في المرضى والزّمنى (المرضى مرضا يدوم طويلا) إذا عجزوا عن إكمال الطاعات ، كتب لهم من الأجر كأصح ما كانوا يعملون.