آخرهم ، أي يحجز أولهم حتى يجتمع عليهم آخرهم ، ثم يدفعون إلى أنواع النار. وكلمة (يوم يحشر) منصوب بفعل مضمر ، تقديره : واذكر يوم.
حتى إذا ما وصلوا إلى النار ووقفوا عليها ، يسألون عما فعلوا سؤال توبيخ ، فإذا أنكروا شهدت عليهم جوارحهم من السمع والبصر والجلد ، بما ارتكبوا من ألوان الشرك والمعاصي ، وبما عملوا في الدنيا من سوء الأعمال ، وهذا وصف حال من أحوالهم في بعض أوقات القيامة ، وذلك عند وصولهم إلى جهنم ، فإن الله تعالى سيطلب منهم الإقرار عند ذلك على أنفسهم ، ويسألون سؤال توبيخ عن كفرهم ، فينكرون ذلك ، ويظنون السؤال سؤال استفهام واستخبار ، فينطق الله جوارحهم بالشهادة عليهم ، فروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ فيما أخرجه ابن جرير عن عقبة ـ «إن أول ما ينطق عن الإنسان فخذه اليسرى ، ثم تنطق الجوارح ، فيقول الكافر : تبا لك أيتها الأعضاء ، فعنك كنت أدافع».
فيتعجب الناس من نطق جوارحهم ، فيقولون على جهة اللوم لجلودهم حين شهدوا عليهم : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) فقالوا : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء من مخلوقاته ، فإنه كما أنطق الألسن في الدنيا ، فكذلك أنطق بقية الأعضاء في الآخرة ، علما بأن الله أيها البشر خلقكم في المرة الأولى ، وهو قادر على إعادتكم وإرجاعكم إليه ، فإليه وحده المصير بعد الموت.
ثم تقول الملائكة بأمر الله سبحانه : لم تكونوا تتصاونون وتحجزون أنفسكم عن المعاصي والكفر ، خوف أن يشهد عليكم ، أو لأجل أن يشهد ، من قبل سمعكم وأبصاركم وجلودكم ، ولكنكم ظننتم ظنا خطأ أن الله تعالى حال عصيانكم ، لا يعلم كثيرا مما تعلمون من المعاصي ، فتجرأتم على فعلها. وسبب نزول هذه الآية : هو ما رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن ابن