إن هذه الآيات تحدّد أوقات التسبيح والتحميد والتكبير وغيرها من الأذكار ، وتعيّن أوقات الصلاة ، والمؤمن يحرص على هذه الأوقات لأداء واجبه وإبراء ذمّته ، فيسبح الله ، أي ينزهه عن جميع صفات النقصان ، ويثبّت له كل صفات الكمال ، في جميع أوقات الليل والنهار ، يسبح الله بأمره حين ابتداء المساء أو الليل ، وحين طلوع الفجر أو النهار ، ويحمد الله تعالى جميع من في السماوات والأرض ، من ملائكة وجنّ وإنس ، وجماد ونبات ، وحيوان ، ويسبح الإنسان الله وينزهه أيضا في وقت العشي أو العشاء ، وهو شدة الظلام ، وفي وسط النهار وقت الظهيرة.
قال ابن عباس وقتادة وبعض الفقهاء : في هذه الآية تنبيه على أربع صلوات : المغرب ، والصبح ، والعصر ، والظهر. والعشاء الآخرة في رواية أخرى. والواقع أن الآية تشمل أوقات الصلاة الخمسة ، لأنّ العشي وقت العشاء ، والمغرب وقت الإمساء ، والصبح وقت الإصباح ، والظهر والعصر من بعد تحوّل الشمس إلى جهة الغرب.
والمعنى : نزّهوا الله تعالى عن صفات النقصان ، وصفوه بصفات المجد والكمال ، في جميع هذه الأوقات المتعاقبة ، من طلوع الفجر إلى غسق الليل ، لأن أفضل الأعمال وأحبّها إلى الله أدومها وأبقاها.
ومما يستدعي تسبيح الله وتنزيهه : ثبوت قدرته الخارقة ، فالله هو القادر على الإحياء والإماتة ، يخرج الإنسان الحي وغيره من التراب الميت ، ثم من النطفة ، ويخرج النطفة من الإنسان ، والبيضة من الطائر ، وكلمة (الحي والميت) في هذه الآية ، تستعمل حقيقة ومجازا ، أما الحقيقة : فهي المني يخرج منه الإنسان ، والبيضة يخرج منها الطائر ، وهذه بعينها تخرج من حي ، ونحو ذلك. وأما المجاز : فهي إخراج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن ، وإخراج النبات الأخضر من الأرض ، وإخراج الطعم من النبات.