المهام. والله عزوجل لا يشغله شأن عن شأن ، وقع مستعارا للأخذ في الجزاء وحده.
لطيفة :
ترسم (أَيُّهَ) بغير ألف. وأما في النطق فقرأ أبو عمرو والكسائي (أيها) بالألف في الوقف ، ووقف الباقون على الرسم (أيه) بتسكين الهاء ، وفي الوصل قرأ ابن عامر (أيه) برفع الهاء ، والباقون بنصبها.
و (الثقلان) تثنية (ثقل) بفتحتين ، فعل بمعنى مفعل ، لأنهما أثقلا الأرض ، أو بمعنى مفعول ، لأنهما أثقلا بالتكاليف. وقال الحسن : لثقلهما بالذنوب.
والخطاب في (لكم) قيل للمجرمين ، لكن يأباه قوله : (أَيُّهَ الثَّقَلانِ) نعم! المقصود بالتهديد هم. ولا مانع من تهديد الجميع ـ كما أفاده الشهاب ـ ولا يفهم من هذا أن اللفظ الكريم وعيد بحت ، بل هو حامل للوعد أيضا ، لأن المعنى : سنفرغ لحسابكم ، فنثيب أهل الطاعة ، ونعاقب العصاة ، وهو جليّ. ولذا اعتد ذلك نعمة عليهم بقوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي من ثوابه أهل طاعته ، وعقابه أهل معصيته.
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣٤)
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي تجوزوا أطراف السماوات والأرض فتعجزوا ربكم ، أي بخروجكم عن قهره ومحل سلطانه ومملكته حتى لا يقدر عليكم (فَانْفُذُوا) أي فجوزوا واخرجوا (لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) أي بقوة وقهر وغلبة ، وأنّي لكم ذلك ونحوه (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) [العنكبوت : ٢٢] ، ويقال : معنى الآية : إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموه ، ولن تعلموه إلا بسلطان ، يعني البينة من الله تعالى. والأول أظهر ، لأنه لما ذكر في الآية الأولى أنه لا محالة مجاز للعباد ، عقبه بقوله : (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ ...) إلخ ، لبيان أنهم لا يقدرون على الخلاص من جزائه وعقابه ، إذا أراده. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قال ابن جرير : أي من التسوية بين جميعكم ، بأن جميعكم لا يقدرون على خلاف أمر أراده بكم.
وقال القاضي : أي من التنبيه والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة.