فعن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا ـ رواه الإمام أحمد والشيخان (١).
وعن أبي هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن افسحوا يفسح الله لكم ـ رواه الإمام أحمد ـ وفي رواية بلفظ : لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ، لكن افسحوا يفسح الله لكم ، ـ تفرد به الإمام أحمد ـ.
قال ابن كثير : وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء ، على أقوال : فمنهم من رخص بذلك محتجا (٢) بحديث : قوموا إلى سيدكم.
ومنهم من منع ذلك محتجا (٣) بحديث : من أحب أن يتمثل له الرجال قياما ، فليتبوأ مقعده من النار.
ومنهم من فصّل فقال يجوز عند القدوم من سفر ، وللحاكم في محل ولايته ، كما دل عليه قصة سعد بن معاذ ، فإنه لما استقدمه النبيّ صلىاللهعليهوسلم حاكما في بني قريظة ، فلما رآه مقبلا
قال للمسلمين : قوموا إلى سيدكم. وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه ـ والله أعلم ـ فأما اتخاذه ديدنا فإنه من شعار العجم ، وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان إذا جاء لا يقومون له ، لما يعلمون من كراهته لذلك. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ، في فتوى له في ذلك : لم يكن من عادة السلف على عهد النبيّ صلىاللهعليهوسلم وخلفائه الراشدين ، أن يعتادوا القيام ، كما يفعله ، كثير من الناس. بل قد قال أنس بن مالك رضي الله عنه : لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له ، لما يعلمون من كراهته لذلك. ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبه ، تلقيا له ، كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قام لعكرمة ، وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ : قوموا إلى سيدكم ، وكان سعد متمرضا بالمدينة ، وكان قد قدم إلى بني قريظة شرقي المدينة. والذي ينبغي للناس ، أن يعتادوا اتباع
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٢ / ١٧. والحديث رقم ٤٦٥٩.
وأخرجه البخاري في : استئذان ، ٣١ ـ باب لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ، حديث رقم ٥٣٢.
وأخرجه مسلم في : السلام ، حديث رقم ٢٧.
(٢) أخرجه البخاري في : الاستئذان ، ٢٦ ـ باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم «قوموا إلى سيدكم» ، حديث رقم ١٤٤٤. عن أبي سعيد.
(٣) أخرجه أبو داود في : الأدب ، ١٥٢ ـ باب في قيام الرجل للرجل ، حديث رقم ٥٢٢٩ ، عن معاوية.