(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) يعني بني النضير المتقدم ذكرهم. وأخوّتهم معهم أخوّة دين واعتقاد ، أو أخوّة صداقة وموالاة لأنهم كانوا معهم سرّا على المؤمنين (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ) أي من دياركم (لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ) أي في خذلانكم (أَحَداً أَبَداً) أي من الرسول صلوات الله عليه ، والمؤمنين (وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ) أي لنعاوننكم.
قال ابن جرير : ذكر أن الذين نافقوا عبد الله بن أبيّ ابن سلول. ووديعة ومالك ابنا نوفل ، وسويد ، وداعس. بعثوا إلى بني النضير حين نزل بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم للحرب أن اثبتوا وتمنعوا ، فإنا لن نسلمكم ، وإن معكم قوتلتم قاتلنا وإن أخرجتم خرجنا معكم ، فتربصوا لذلك من نصرهم ، فلم يفعلوا ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ، فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم ، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم ، إلا الحلقة ، كما تقدم (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) أي لعلمه بأنهم لا يفعلون ذلك. كما قال :
القول في تأويل قوله تعالى :
(لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (١٢)
(لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) أي منهزمين ، (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) أي بنوع مّا من أنواع النصر. والضمير للمنافقين أو اليهود.
القول في تأويل قوله تعالى :
(لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (١٣)
(لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) أي هم يرهبونكم أشد من رهبتهم من الله ، لاحتجابهم بالخلق عن الحق ، بسبب جهلهم بالله ، وعدم معرفتهم له ، إذ لو عرفوه لشعروا بعظمته وقدرته وعلمه ، ولم يستخفوا بمعاصيه ، ويستخفّوا بأوامره. والضمير للمنافقين أو اليهود.
القول في تأويل قوله تعالى :
(لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) (١٤)