بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة الصفّ
وتسمى سورة (الحواريين). وهي مدنية. ولا عبرة بقول إنها مكية ، لأن آياتها المحرّضة على القتال تردّه ، لأنه لم يشرع الجهاد إلا في المدينة. وآيها أربع عشرة آية.
القول في تأويل قوله تعالى :
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١)
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي أذعن لله كل خلقه العلوي والسفلي ، وانقاد لتسخيره ، ودل على ألوهيته وربوبيته. وتقدم بيانه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) (٣)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) قال القاشاني : من لوازم الإيمان الحقيقي الصدق وثبات العزيمة. إذ خلوص الفطرة عن شوائب النشأة يقتضيهما. وقوله : (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) يحتمل الكذب ، وخلف الوعد. فمن ادعى الإيمان وجب عليه الاجتناب عنهما بحكم الإيمان ، وإلا فلا حقيقة لإيمانه. ولهذا قال : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) لأن الكذب ينافي المروءة التي هي من مبادئ الإيمان ، فضلا عن كماله. إذ الإيمان الأصلي هو الرجوع إلى الفطرة الأولى ، والدين القيّم. وهي تستلزم أجناس الفضائل بجميع أنواعها ، التي أقل درجاتها العفة المقتضية للمروءة ، والكاذب لا مروءة له ، فلا إيمان له حقيقة. وإنما قلنا ، لا مروءة له ، لأن النطق هو الإخبار المفيد للغير معنى ، المدلول عليه باللفظ. والإنسان خاصته التي تميزه عن غيره ، هي النطق ، فإذا لم يطابق الإخبار ، لم تحصل فائدة النطق ،