بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المنافقون
مدنية وآيها إحدى عشرة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢)
(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) أي أن الأمر كما قالوه (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) أي في قولهم (نَشْهَدُ) وادعائهم فيه مواطأة قلوبهم ألسنتهم ، لأنهم أضمروا غير ما أظهروا (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ) أى حلفهم الكاذب ، أو شهادتهم هذه ، فإنها تجري مجرى الحلف في التوكيد (جُنَّةً) أي وقاية من القتل والسبي ، (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أى دينه الذي بعث به رسوله صلوات الله عليه ، وشريعته التي شرعها لخلقه (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أى في اتخاذهم أيمانهم جنة ، وصدهم ، وغير ذلك من أعمالهم.
تنبيه :
في (الإكليل) : استدل بالآية أبو حنيفة على أن (أشهد بالله) يمين ، وإن لم ينو معه ، لأنه تعالى أخبر عن المنافقين أنهم قالوه ، ثم سماه (أيمانا) انتهى.
قال الناصر : وليس فيما ذكره دليل ، فإن قوله : (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) غايته أن ما ذكره يسمى يمنا ، وليس الخلاف في تسميته يمينا ، وإنما الخلاف : هل يكون يمينا منعقدة يلزم بالحنث فيها كفارة أم لا؟ وليس كل ما يسمى حلفا أو قسما يوجب