بعد الدخول ، فعدتهن ثلاثة أشهر. فحذف لدلالة المذكور عليه (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَ) في انقضاء عددهن (أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) أي ما في بطنهن. والآية عامة في المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن.
ويروى عن عليّ وابن عباس رضي الله عنهما أن الآية خاصة في المطلقات. وأما المتوفى عنها فعدتها آخر الأجلين.
قال ابن جرير : والصواب أنه عام في جميع أولات الأحمال ، لأنه تعالى عمّ القول بذلك ، ولم يخصص الخبر عن مطلقة دون متوفى عنها.
فإن قيل : إن سياق الخبر في أحكام المطلقات. يجاب : بأن نظمها خبر مبتدأ عن أحكام عدد جميع أولات الأحمال ، المطلقات وغير المطلقات.
وفي الصحيحين (١) عن أم سلمة أن سبيعة الأسلمية وضعت بعد موت زوجها بأربعين ليلة فخطبت ، فأنكحها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان أبو السنابل فيمن خطبها.
(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) أي فلم يخالف إذنه في طلاق امرأته (يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) وهو تسهيل الرجعة ما دامت في عدتها ، والقدرة على خطبتها ، إن انقضت ودعته نفسه إليها بسبب التقوى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) (٥)
(ذلِكَ) أي ما ذكر من حكم الطلاق والرجعة والعدة (أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ) أي لتأتمروا له وتعملوا به. (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) أي بالمضاعفة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) (٦)
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) أي من سعتكم التي تجدون ،
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الطلاق ، ٣٩ ـ باب (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) ، حديث رقم ٢٠٦١. وأخرجه مسلم في : الطلاق ، حديث رقم ٥٧.