بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة الملك
قال المهايميّ : سميت به لاشتمالها على كثير مما ينبغي أن يكون عليه الملك من كثرة الخيرات ، وعموم القدرة ، والإحياء والإماتة ، واختبار أعمال الناس ، والغلبة والغفران ، ورفع الأبنية لخدامه وعدم التفاوت في رعاياه ، وتزيين بلاده ، والقهر على الأعداء ، والترحم على الأولياء ، والأمن ورخص الأسعار ، وأن لا يقدر أحد على نصر من عاداه ، ولا على رزق من منعه. انتهى.
وتسمى سورة (تبارك). وهي مكية. وآيها ثلاثون.
القول في تأويل قوله تعالى :
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١)
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قال ابن جرير : أي تعاظم الذي بيده ملك الدنيا والآخرة ، وسلطانهما ، نافذ فيهما أمره وقضاؤه ، وهو على ما يشاء فعله ذو قدرة ، لا يمنعه مانع ، ولا يحول بينه وبينه عجز.
وقال القاشانيّ : الملك ، عالم الأجسام ، كما أن الملكوت عالم النفوس. ولذلك وصف ذاته باعتبار تصريفه عالم الملك ، بحسب مشيئته بالتبارك ، الذي هو غاية العظمة ، ونهاية الازدياد في العلوّ والبركة. وباعتبار تسخيره عالم الملكوت ، بمقتضى إرادته بالتسبيح ، الذي هو التنزيه ، كقوله (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) [يس : ٨٣] ، كلّا بما يناسبه ، لأن العظمة والازدياد والبركة تناسب الأجسام ، والتنزه يناسب المجردات عن المادة. فمعنى (تبارك) تعالى وتعاظم ، الذي يتصرف في عالم الملك بيد قدرته ، لا يتصرف فيه غيره فبيده كل ما وجد من الأجسام ، لا بيد غيره ، يصرفها كما يشاء ، وهو القادر على كل ما عدم من الممكنات ، يوجدها على ما يشاء.