بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة الحاقّة
مكية. وآيها إحدى وخمسون.
القول في تأويل قوله تعالى :
(الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) (٣)
(الْحَاقَّةُ) أي الساعة الحاقة التي تحق فيها الأمور ، ويجب فيها الجزاء على الأعمال. من قولهم : حق عليه الشيء ، إذا وجب. وقوله : (مَا الْحَاقَّةُ) من وضع الظاهر موضع المضمر ، تفخيما لشأنها ، وتعظيما لهولها. (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) قال بعضهم : من عوائد العرب في محاوراتهم اللطيفة ، إذا أرادوا تشويق المخاطب في معرفة شيء ودرايته ، أتوا بإجمال وتفصيل. أي : أيّ شيء أعلم المخاطب ما هي؟ تأكيدا لتفخيم شأنها ، حتى كأنها خرجت من دائرة علم المخاطب. على معنى : أن عظم شأنها ، وما اشتملت عليه من الأوصاف ، مما لم تبلغه دراية أحد من المخاطبين ، ولم تصل إليه معرفة أحد من السامعين ، ولا أدركه وهمه ، وكيفما قدر حالها ، فهي وراء ذلك وأعظم. ومنه يعلم أن الاستفهام كناية عن لازمه ، من أنها لا تعلم ، ولا يصل إليها دراية دار ، ولا تبلغها الأفكار.
القول في تأويل قوله تعالى :
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) (٨)