(وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) أي أضاء. ومن فوائد القسم بها الاعتبار بفوائدها ، والاستدلال بآياتها ، كما تقدم في سورة (الصافات) :
(إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) أي الأمور العظام.
(نَذِيراً لِلْبَشَرِ) أي إنذارا لهم ، فنصبه على أنه تمييز عن (إحدى) لما تضمنه من معنى التعظيم ، كأنه قيل : أعظم الكبر إنذارا. ف (نَذِيراً) بمعنى الإنذار ، كنكير بمعنى الإنكار. أو على أنه حال عما دلت عليه الجملة. أي كبرت منذرة ، ف (نَذِيراً) مصدر مؤول بالوصف ، أو وصف بمعنى منذرة.
(لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ) أي يسبق إلى الإيمان والطاعة (أَوْ يَتَأَخَّرَ) أي يتخلف. و (لِمَنْ) بدل من (لِلْبَشَرِ) أي منذرة لمن شاءوا التقدم والفوز ، أو التأخر والهلاك. أو خبر مقدم ، و (أَنْ يَتَقَدَّمَ) مبتدأ مؤخر ، كقولك لمن توضأ أن يصلي ، كآية (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف : ٣٩] ، وفي الثاني بعد وزعم أبو حيان أن اللفظ لا يحتمله ، ولم يسلم له.
القول في تأويل قوله تعالى :
(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) (٤٨)
(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) أي مرهونة ومحبوسة به عند الله تعالى : (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) أي فإنهم فكوا رقابهم بما أطابوه من كسبهم ، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق. (فِي جَنَّاتٍ) أي هم في جنات لا يدرك وصفها (يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ) أي يسألون عنهم. وإيثار صيغة التفاعل للتكثير. ومنه (دعوته وتداعيناه).
وقال القاشاني : أي يسأل بعضهم بعضا عن حال المجرمين ، لاطلاعهم عليها ، وما أوجب تعذيبهم وبقاءهم في سقر ، فأجاب المسؤولون بأنا سألناهم عن حالهم بقولنا : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا) أي بلسان الحال أو المقال (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) أي كنا