عنه أذى الحر والبرد ، فكذا لباس الليل بسبب ما يحصل فيه من النوم يزيد في جمال الإنسان وفي طراوة أعضائه وفي تكامل قواه الحسية والحركية ، ويندفع عنه أذى التعب الجسماني وأذى الأفكار الموحشة.
(وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) أي وقت معاش. إذ فيه تتقلب الخلق في حوائجهم ومكاسبهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) (١٦)
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) قال الرازي : أي سبع سماوات شدادا جمع (شديدة) يعني محكمة قوية الخلق لا يؤثر فيها مرور الزمان ، لا فطور فيها ولا فروج.
وقال الإمام : السبع الشداد الطرائق السبع. وهي ما فيه الكواكب السبعة السيارة المشهورة. وخصها بالذكر لظهورها ومعرفة العامة لها. (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) أي متلألئا وقّادا. يعني الشمس (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ) أي السحائب إذا أعصرت ، أي شارفت أن تعصرها الرياح (ماءً ثَجَّاجاً) أي منصبّا متتابعا (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً) قال ابن جرير : الحب كل ما تضمنه كمام الزرع التي تحصد. والنبات الكلأ الذي يرعى من الحشيش والزروع.
وقال الزمخشري : يريد ما يتقوّت من نحو الحنطة والشعير ، وما يعلف من التبن والحشيش. كما قال : (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) [طه : ٥٤].
(وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) أي حدائق ملتفة الشجر ، مجتمعة الأغصان.
قال الرازي : قدم الحب لأنه الأصل في الغذاء. وثنى بالنبات لاحتياج الحيوانات إليه. وأخر الجنات لأن الحاجة إلى الفواكه ليست بضرورية. ثم قال : وكان الكعبي من القائلين بالطبائع. فاحتج بقوله تعالى : (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا) إلخ على بطلان قول من قال : إنه تعالى لا يفعل شيئا بواسطة شيء آخر. أي لأن ارتباط المسببات بالأسباب مما بنى عليه سبحانه ، بحكمته الباهرة ، نظام العمران.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) (١٨)
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ) أي يوم يفصل بين الناس ويفرق السعداء من الأشقياء ، باعتبار تفاوت الأعمال ، وهو يوم القيامة (كانَ) أي عند الله وفي علمه وحكمه (مِيقاتاً) أي حدّا معينا ، ووقتا مؤقتا ، ينتهي الخلق إليه ليرى كلّ جزاء عمله (يَوْمَ