بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة النازعات
وتسمى سورة الساهرة. والطامّة. وهي مكية. وآيها ست وأربعون.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) (٥)
(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) يعني الغزاة أو أيديهم. يقال للرامي (نزع في قوسه) إذا مدها بالوتر. و (نزع في قوسه فأغرق) و (أغرق النازع في القوس) إذا استوفى مدها. ويضرب مثلا للغلوّ والإفراط. و (غَرْقاً) بمعنى إغراقا كالسلام بمعنى التسليم ، وهو الإغراق بحذف الزوائد. أو (وَالنَّازِعاتِ) الكواكب. من (نزع الفرس سننا) جرى طلقا ، أي الجاريات على السير المقدر ، والحدّ المعين ، مجدّة في السير ، مسرعة للغاية. (وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) أي الخيل لأنها تخرج من دار إلى دار. من قولهم (ثور ناشط) إذا خرج من بلد إلى بلد. أو هي السهام. يعني خروجها عن أيدي الرماة ونفوذها. وكل شيء حللته ، فقد نشطته. ومنه (نشاط الرجل) وهو انبساطه وخفته. أو الكواكب تنشط من برج إلى برج. (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) أي الخيل تسبح في عدوها فتسبق إلى العدوّ. وهو مستعار من (سبح في الماء) لكنه ألحق بالحقيقة لشهرته. أو هي الكواكب تسبح في الفلك. لأن مرورها في الجو كالسبح ، كما قال تعالى : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ). [الأنبياء : ٣٣] ، (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) أي الخيل تسبق إلى العدوّ في حومة الوغى. أو الكواكب السيارة تسبق غيرها في السير ، لكونها أسرع حركة. (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) أي الخيل. أسند إليها أمر تدبير الظفر مجازا لأنها سببه. أو المدبرات مثل المعقبات. أي أنه يأتي في أدبار هذا الفعل الذي هو نزع السهام وسبح الخيل وسبقها ، الأمر الذي هو النصر. أو هي الكواكب تدبر أمرا نيط بها. كاختلاف الفصول وتقدير الأزمنة وظهور مواقيت العبادات ، مجازا أيضا. لأنها