بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة التّكوير
وتسمى سورة (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) وهو مكية وآيها تسع وعشرون. روى الإمام أحمد (١) عن ابن عمر : قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من سره أن ينظر إلى يوم القيامة ، كأنه رأي عين فليقرأ (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ، و (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ). و (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) وهكذا رواه الترمذيّ (٢).
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٩)
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) أي أزيلت من مكانها ، وألقيت عن فلكها ، ومحي ضوؤها (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) أي تنثرت وانقضّت (وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) أي رفعت عن وجه الأرض ، ونسفت. من أثر الرجفة والزلزال الذي قطع أوصالها (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) أي تركت مهملة لا راعي لها ولا طالب. والعشار جمع عشراء وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر. وخصلها ، لأنها أنفس أموالهم. أي فإذا هذه الحوامل التي يتنافس فيها أهلها أهملت ، فتركت من شدة الهول النازل بهم ، فكيف بغيرها؟ (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) أي جمعت من كل جانب واختلطت ، لما دهم أوكارها ومكامنها من الزلزال والتخريب ، فتخرج هائمة مذعورة من أثر زلزال الأرض وتقطع أوصالها (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) أي : ملئت بتفجير بعضها إلى بعض ، حتى تعود بحرا واحدا. من (سجر التنور) إذا ملأه بالحطب. كقوله : (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) وقيل : المعنى تأججت نارا. قال القفال : يحتمل أن تكون جهنم في قعور البحار ،
__________________
(١) أخرجه في المسند ٢ / ٢٧.
(٢) أخرجه في : التفسير ، سورة (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).