بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة المطفّفين
قال المهايميّ : سميت به دلالة على أن من أخلّ بأدنى حقوق الخلق ، استحق أعظم ويل من الحق. فكيف من أخل بأعظم حقوق الحق ، من الإيمان به وبآياته ورسله؟ وهي مكية على الأظهر. فإن سياقها يؤيد أنها كأخواتها اللائي نزلن بمكة ، لا سيما خاتمتها ، فإنها صفات المستهزئين الذين كانوا بمكة. وحملها على المنافقين بالمدينة بعيد ، إذ لم يبلغ بهم الحال ذلك. وأما ما رواه النسائي وابن ماجة (١) ـ كما في ابن كثير عن ابن عباس ، لما قدم النبيّ صلىاللهعليهوسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا ، فأنزل الله (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) فأحسنوا الكيل ـ فقد ذكرنا مرارا أن معنى الإنزال ، في إطلاق السلف ، لا يكون مقصورا على أن كذا سبب النزول. بل إن كذا مما نزل فيه ذلك. كأنّ أهل المدينة تلي عليهم ما سبق إنزاله في مكة. وقيل لهم : أنزل الله حظر ما أنتم عليه والوعيد فيه. فأقلعوا. وهذا ظاهر لمن له أنس بعلم الآثار وملكة فيه. ومنه يعلم أن قول بعضهم : نزلت بمكة إلا قصة التطفيف.
وقول آخر : إن كل نوع من المكيّ والمدنيّ منه آيات مستثناة ـ منشؤه الحيرة في المطابقة بين ظاهر ما يتبادر من المأثور في سبب النزول ، وبين ما يدل عليه السياق من خلافه. وبالوقوف على عرف السلف يزول الإشكال ويتضح الحال.
__________________
(١) أخرجه ابن ماجة في : التجارات ، ٣٥ ـ التوقي في الكيل والوزن ، حديث ٢٢٢٣.