بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة الغاشية
مكية. وآيها ست وعشرون. وقد تقدم حديث النعمان بن بشير أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ (سبح اسم ربك الأعلى والغاشية) في صلاة العيد ويوم الجمعة. وروى الإمام مالك (١) أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير : بما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ في الجمعة مع سورة الجمعة؟ قال : هل أتاك حديث الغاشية(رواه مسلم (٢) وأبو داود وغيرهما).
القول في تأويل قوله تعالى :
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ) (٩)
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) أي خبرها وقصتها ، وهي القيامة. وأصل الغاشية الداهية التي تغشى الناس بشدائدها. والاستفهام للتعظيم والتعجب مما في حيزه ، مع تقريره (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) أي ذليلة. وهي وجوه أهل الكفر بالحق والجحود له. والمراد بالوجوه الذوات (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) قال القاشاني : أي تعمل دائبا أعمالا صعبة تتعب فيها ، كالهوي في دركات النار ، والارتقاء في عقباتها ، وحمل مشاق الصور والهيئات المتعبة المثقلة من آثار أعمالها. أو عاملة من استعمال الزبانية إياها في أعمال شاقة فادحة من جنس أعمالها التي ضربت بها في الدنيا ، وأتعابها فيها من غير منفعة لهم منها إلا التعب والعذاب. وجوز أن يكون (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) إشارة إلى عملهم في الدنيا. أي عملت ونصبت في أعمال لا تجدي عليها في الآخرة. فيكون
__________________
(١) أخرجه في الموطأ في : العمل في غسل يوم الجمعة ، حديث رقم ١٩.
(٢) أخرجه مسلم في : الجمعة ، حديث رقم ٦٢.