بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة التّين
مكية ، ويقال : مدنية. وأيد الأول بقوله : (وَهذَا الْبَلَدِ) وآيها ثمان. روي عن البراء بن عازب (١) أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ في سفره في إحدى الركعتين بالتين والزيتون. فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه. أخرجه الجماعة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (٣)
اعلم أن المفسرين لم يختلفوا في أن البلد الأمين مكة المشرفة ، الآمن أهلها أن يحاربوا كما قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) [العنكبوت : ٦٧] ، وأما المقسمات بها قبل ، ففيها أقوال للسلف لاحتمال موادها لكل منها. فعن مجاهد والحسن وغيرهما أن (التِّينِ) الذي يؤكل و (الزَّيْتُونِ) الذي يعصر. قالوا : وخصهما لكثرة فوائدهما وعظم منافعهما. وعن قتادة (التين) الجبل الذي عليه دمشق و (الزيتون) الذي عليه بيت المقدس. وعن كعب وابن زيد : (التين) مسجد دمشق و (الزيتون) بيت المقدس. فطهر أنهما الشجران المعلومان أو جبلان أو مسجدان. وصوب ابن جرير الأول منها ، وعبارته : والصواب من القول في ذلك عندنا ، قول من قال (التِّينِ) هو التين الذي يؤكل و (الزَّيْتُونِ) هو الزيتون الذي يعصر منه الزيت. لأن ذلك هو المعروف عند العرب. ولا يعرف جبل يسمى تينا ولا جبل يقال له زيتون ، إلا أن يقول قائل : أقسم ربنا جل ثناؤه بالتين والزيتون ، والمراد من الكلام ، القسم بمنابت التين ومنابت الزيتون ، فيكون ذلك مذهبا وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك ، دلالة في ظاهر التنزيل
__________________
(١) أخرجه البخاري في : التوحيد ، ٥٢ ـ باب قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة ، وزينوا القرآن بأصواتكم» ، حديث رقم ٤٦٧.