بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة القدر
قال السيوطي : فيها قولان ، والأكثر أنها مكية ، وآيها خمس.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (٥)
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) أي أنزلنا القرآن على قلب خاتم النبيين ، بمعنى ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر. وقد وصفت بالمباركة في قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) [الدخان : ٣] ، وكانت في رمضان ، لقوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ). [البقرة : ١٨٥].
قال الإمام : سميت ليلة القدر ، إما بمعنى ليلة التقدير ، لأن الله تعالى ابتدأ فيها تقدير دينه وتحديد الخطة لنبيه في دعوة الناس إلى ما ينقذهم مما كانوا فيه. أو بمعنى العظمة والشرف ، من قولهم (فلان له قدر) أي له شرف وعظمة. لأن الله قد أعلى فيها منزلة نبيه وشرّفه وعظّمه بالرسالة ، وقد جاء بما فيه الإشارة ، بل التصريح ، بأنها ليلة جليلة ، بجلالة ما وقع فيها من إنزال القرآن. فقال : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) أي وما الذي يعلمك مبلغ شأنها ونباهة أمرها (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) فكرر ذكرها ثلاث مرات. ثم أتى بالاستفهام الدالّ على أن شرفها ليس مما تسهل إحاطة العلم به ، ثم قال : (إنها خير من ألف شهر) لأنه قد مضى على الأمم آلاف من الشهور وهم يختبطون في ظلمات الضلال. فليلة يسطع فيها نور الهدى خير من ألف شهر من شهورهم الأولى. ولك أن تقف في التفضيل عند النص ، وتفوض الأمر ، في