بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة القارعة
مكية وآيها إحدى عشرة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (٥)
(الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) قال أبو السعود : القرع هو الضرب بشدة واعتماد ، بحيث يحصل منه صوت شديد ، وهي القيامة. سميت بها لأنها تفزع القلوب والأسماع بفنون الأفزاع والأهوال. وتخرج جميع الأجرام العلوية والسفلية من حال إلى حال : السماء بالانشقاق والانفطار ، والشمس والنجوم وبالتكوير والانكدار والانتثار ، والأرض بالزلزال والتبديل والجبال بالدك والنسف. وهي مبتدأ خبره قوله تعالى (مَا الْقارِعَةُ) على أن (ما) الاستفهامية خبر والقارعة مبتدأ ، لا بالعكس. لأن محط الفائدة هو الخبر لا المبتدأ. ولا ريب في أن مدار إفادة الهول والفخامة هاهنا. هو كلمة (ما) لا (القارعة) أي أيّ شيء عجيب هي في الفخامة والفظاعة؟ وقد وضع الظاهر موضع الضمير تأكيدا للتهويل. وقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ) تأكيد لهولها وفظاعتها ، ببيان خروجها عن دائرة علوم الخلق على معنى أن عظم شأنها ومدى شدتها ، بحيث لا تكاد تناله دراية أحد ، حتى يدريك بها. أي : وأي شيء أعلمك ما شأن القارعة؟ ولما كان هذا منبئا عن الوعد الكريم بإعلامها ، أنجز ذلك بقوله تعالى : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) أي هي يوم يكون الناس فيه كالفراش المبثوث في الكثرة والانتشار ، والضعف والذلة والاضطراب ، والتطاير إلى الداعي ، كتطاير الفراش إلى النار. ف (يوم) خبر محذوف بني على الفتح. لإضافته إلى الفعل ، أو هو منصوب. بإضمار (اذكر) كأنه قيل ، بعد تفخيم أمر القارعة وتشويقه عليه الصلاة