فلو قدّم عليها كل دليل لم يبق لها مورد ، وتقديم البعض ترجيح بلا مرجح ، وأمّا لو قدّمت على سائر الأدلّة لم يلزم محذور لبقاء حكمها في غير مورد الضرر. (١)
ولا يخفى أنّ لازم ما ذكره ، كون القاعدة متعارضة مع سائر الأحكام وأنّ الجمع بين الدليلين لأجل التحرّز عن اللغوية. ولكنّه إنّما يتم إذا كان الدليل المعارض قطعياً مثل أدلّة الأحكام الأوّلية فلا مناص في مقام الجمع عن تقديم ما لا يلزم منه اللغوية. وأمّا إذا كان غير قطعي فطرح الظنّي متعيّن.
نعم حرمة الضرر أمر قطعي في الشريعة المقدّسة حسب ما استعرضنا من رواياتها.
٥ ـ تقديم القاعدة لقوّة دلالتها وكونها حديث امتنان :
الظاهر أنّ وجه التقديم ، إنّما هو قوّة الدلالة وذلك بملاك كون الدليل دليل امتنان فيقدّم على العموم ، وإن كانت النسبة بين القاعدة والعموم عموماً من وجه ، فانّ الامتنان في عدم نفوذ العقد الغبني لا في امضائه. (٢) وبالجملة : صدوره امتناناً على الأُمّة ، يعطي للحديث في نظر العرف تقدّماً على غيره سواء أصحّت تسميته بقوّة الدلالة أم لا.
وبذلك يتبيّن وجه تقدّم القاعدة في عامة الموارد ، من غير ملاحظة النسبة بينها وبين دليل آخر. ولو لا ذلك لوجب التوقّف إذا كانت النسبة عموماً وخصوصاً من وجه.
__________________
(١) نفس المصدر.
(٢) في خلال كلام الشيخ في الفرائد اشارة إلى هذا الوجه.