التنبيه السادس :
في شمول القاعدة للأحكام العدمية
يظهر من الشيخ الأعظم التردّد في شمولها لها. قال في رسالته المطبوعة في آخر المكاسب :
إنّ القاعدة تنفي الأحكام الوجودية الضررية تكليفية كانت أو وضعية. وأمّا الأحكام العدمية الضررية مثل عدم ضمان ما يفوت على الحُرّ من عمله بسبب حبسه ، ففي نفيها بهذه القاعدة ، فيجب أن يحكم بالضمان ، اشكال :
من أنّ القاعدة ناظرة إلى نفي ما ثبت بالعمومات من الأحكام الشرعية. فمعنى نفي الضرر في الإسلام ، أنّ الأحكام المجعولة ليس فيها حكم ضرري. ومن المعلوم أنّ عدم حكم الشرع بالضمان في نظائر المسألة ليس من الأحكام المجعولة في الإسلام ، وحكمه بالعدم ليس من قبيل الحكم المجعول بل هو اخبار بعدم حكمه بالضمان ، إذ لا يحتاج العدم إلى حكم يُنفى به ، نظير حكمه بعدم الوجوب والحرمة ، فانّه ليس إنشاءً منه بل هو اخبار حقيقة.
ومن أنّ المنفي ليس خصوص المجعولات ، بل مطلق ما يتديّن به ويعامل عليه في شريعة الإسلام وجودياً كان أو عدمياً ، فكما أنّه يجب في حكمة الشارع نفي الأحكام الضررية ، كذلك يجب جعل الأحكام التي يلزم من عدمها الضرر ....
هذا مضافاً إلى إمكان استفادة ذلك من مورد رواية سمرة بن جندب حيث إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم سلّط الأنصاري على قلع نخل سمرة معللاً بنفي الضرر ، حيث إنّ عدم تسلّط الأنصاري على القلع ، ضرر كما أنّ سلطنة سمرة على ماله والمرور عليه بغير الإذن ، ضرر. (١)
__________________
(١) قاعدة لا ضرر ، الأمر الثاني ، ص ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ، في آخر المكاسب طبعة زين العابدين.