التنبيه الثاني عشر
هل الرفع رخصة أو عزيمة؟
قد عرفت أنّ المختار عندنا هو نفي إضرار الناس بعضهم ببعض لا رفع الحكم الضرري ، وانّ كثيراً من المباحث المتقدّمة كان مبنياً على تفسير القوم برفع الحكم الضرري. وعلى ذلك فهل الرفع من باب العزيمة ، فلا تجوز مخالفته ، أو الرفع من باب الرخصة؟
تظهر الثمرة فيما إذا انقلب التكليف بالطهارة المائية ، إلى الترابية. كما إذا كان الوضوء مضرّاً وكان عالماً به ، فلو توضّأ بطل وضوؤه على الأوّل دون الثاني.
وهذا البحث يجري في مورد العناوين الثانوية الحاكمة على أحكام العناوين الأوّلية كرفع الاضطرار والإكراه والحرج وغير ذلك.
وقد أوضحنا حقيقة الحال عند البحث عن قاعدة «لا حرج» وذكرنا أنّ الحق هو كون الرفع عزيمة لا رخصة. والمسألة غير معنونة في كلمات القوم على وجه الاستقلال ، لكنّهم أشاروا إلى مختارهم في خلال أبحاث التيمّم والصوم.
قال السيد الطباطبائي ـ قدسسره ـ في العروة الوثقى : «إذا تحمّل الضرر وتوضّأ واغتسل ، فإن كان الضرر في المقدّمات من تحصيل الماء ونحوه ، وجب الوضوء أو الغسل وصحّ. وإن كان في استعمال الماء في أحدهما بطل. وأمّا إذا لم يكن استعمال الماء مضرّاً بل كان موجباً للحرج والمشقّة ، كتحمّل ألم البرد أو الشين مثلاً ، فلا تبعد الصحّة وإن كان يجوز معه التيمّم ، لأنّ نفي الحرج من باب الرخصة لا العزيمة ، ولكن الأحوط ترك الاستعمال وعدم الاكتفاء به على فرضه ، فيتيمّم أيضاً». (١)
__________________
(١) العروة الوثقى ، فصل التيمّم ، المسألة ١٨.