النتائج الحاصلة من تتبّع موارد الاستدلال بالقاعدة :
بعد أن سجّلنا نماذج من استدلال الفقهاء بقاعدة لا ضرر في المسائل والأبحاث الفقهيّة ، وذكرنا أبوابها ومصادرها ، ينبغي لنا الإشارة إلى النتائج الحاصلة من هذا التتبّع الشامل وهي كما يلي :
الف ـ إنّ كثرة استناد الفقهاء من العامّة والخاصّة في جميع الأبواب الفقهيّة إلى قاعدة نفي الضرر تدلّ على أنّها من القواعد المتّفق عليها ومن الأُسس الرئيسية الّتي يبتنى عليها فقه الشّريعة الإسلامية بجميع مذاهبها وطوائفها ، ولا نحسب أنفسنا مجازفين لو قلنا بأنّها من ضروريّات الإسلام بين الفقهاء إن لم تكن بين عامّة المسلمين.
ب ـ إنّ قاعدة نفي الضّرر كغيرها من القواعد الحاكمة الأُخر مثل نفي الحرج بشمولها لأبواب الفقه تعتبر من المصاديق البارزة لكون شريعة الإسلام شريعة سهلة سمحة كما ثبت ذلك في الكتاب والسنّة.
مثل قوله سبحانه : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) (البقرة / ١٨٥).
و (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج / ٧٨).
وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بعثت بالحنيفيّة السّمحة السّهلة». (١)
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يسّروا ولا تعسّروا وبشّروا ولا تنفّروا». (٢)
وهذه السّماحة والسّهولة تعطي للأحكام الشّرعية مرونة خاصّة بحيث يمكن تطبيقها في جميع الظروف المكانيّة والزمنيّة إلى أبد الآبدين.
__________________
(١) مجمع البحرين ، مادة حنيف ونضد القواعد الفقهيّة للفاضل السيوري ، ص ١٥ ، والجامع الصغير ، ص ١٢٦.
(٢) نضد القواعد الفقهيّة ، ص ١٥ والجامع الصغير ، ص ٢٠٥.