الإنسان من بعض الوجوه ، كالخمر والميسر فقد حرّمتا مع ما بهما من منافع اقتصاديّة لما فيها من الاضرار الفادحة.
قال سبحانه : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما). (البقرة / ٢١٩)
والإثم وإن كان لغة بمعنى كلّ شيء يبطئ عن الثواب ويرادف الذنب ، إلّا أنّه في هذه الآية بمعنى الضرر أو ما يوجبه (١) بدليل مقابلته بالنفع. وقد حرّم سبحانه الإثم على كل حال. قال سبحانه : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ). (الأعراف / ٣٣)
وأمّا بالنسبة إلى المورد الثالث فالأمر أيضاً معلوم ، لأنّ طبيعة تلك التكاليف نوعاً تقتضي التضحية وبذل النفس والنفيس فلا بدّ من توطين النفس على ذلك ، مضافاً إلى رجحان منافعها الاجتماعية والأخلاقيّة على أضرارها الفرديّة.
الثالث : في تحرير محلّ النزاع :
من أجل تعيين محلّ النقاش في المسألة يلزم أن نعرف بأنّ للإضرار بالنفس مراتب ودرجات لا نقاش في بعضها وإنّما يقع النزاع في بعضها الآخر.
ويمكن تقسيم تلك المراتب إلى ما يلي :
الأُولى : إتلاف النفس وإفنائها.
الثانية : قطع الأعضاء.
الثالثة : إفساد قوّة من القوى مثل الحواس الخمسة وقوّة الباه والإنجاب.
الرابعة : تعريض الإنسان نفسه إلى الأمراض وانحراف المزاج وثقله.
الخامسة : إتلاف المال المعتدّ به عرفاً.
السادسة : تعريض الإنسان شخصيّته وعرضه إلى الإذلال.
__________________
(١) راجع التبيان للشيخ الطوسي : ٢ / ٢١٣ ، وتفسير المنار : ٢ / ٣٢٥.