والملاحظة هنا أنّ هذا المحقّق قد مشى في هذا الكتاب الفقهي على ما أفتى به المشهور إلّا أنّه خالفهم في أبحاثه الأُصوليّة وسوف نتعرّض لكلامه.
٢٥ ـ السّيد محمد رضا الكلبايكاني (م ١٤١٤ ه ـ. ق)
قال في كتاب الصوم من هداية العباد : «من شرائط صحّة الصوم كما مرّ عدم المرض أو الرّمد الذي يضرّه الصوم ... ويلحق به الخوف العقلائي من حدوث المرض والضّرر بسببه ، فانّه لا يصحّ معه الصوم ، ويجوز بل يجب عليه الافطار». (١)
هذا هو القول المشهور ، وقد أتينا بشيء من الاسهاب في نقل كلمات ثلّة من مشاهير فقهاء الخاصّة لما فيها من فوائد.
* * *
القول الثاني : وهو غير المشهور :
قول آخر وهو إنكار حرمة مطلق الاضرار بالنّفس وهو خيرة المحقّق الخوئي (قدسسره) قال ـ على ما في تقريراته ـ : «ذكر شيخنا الأنصاري (رحمهالله) في رسالته المعمولة في قاعدة لا ضرر إنّ الاضرار بالنفس كالاضرار بالغير محرّم بالأدلّة العقليّة والنقليّة ولكن التحقيق عدم ثبوت ذلك على إطلاقه ، أي من غير التهلكة وما هو مبغوض في الشّريعة المقدّسة كقطع الأعضاء ونحوه ، فانّ العقل لا يرى محذوراً في إضرار الإنسان بماله بأن يصرفه كيف يشاء بداع من الدّواعي العقلائية ما لم يبلغ حدّ الإسراف والتبذير ، ولا بنفسه بأن يتحمّل ما يضرّ ببدنه فيما إذا كان له غرض عقلائي ، بل جرت عليه سيرة العقلاء ، فانّهم يسافرون للتجارة مع تضرّرهم من الحرارة والبرودة بمقدار لو كان الحكم الشرعي موجباً لهذا المقدار من الضرر
__________________
(١) هداية العباد : ٢٦٨.