الطائفة الثالثة : ما يدلّ على لزوم التيمّم عند خوف الضرر :
منها : ما روي عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن الرضا (عليهالسلام) : في الرجل تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يكون يخاف على نفسه من البرد فقال : «لا يغتسل ويتيمّم». (١)
كيفية الاستدلال بهذا الحديث كما يلي :
إنّ الإمام (عليهالسلام) نهى من به قروح أو جروح أو يخاف على نفسه من البرد أن يغتسل إمّا بجملة انشائية إذا قلنا بأن ال ـ «لا» ناهية ، أو خبرية بناء على أنّها نافية ، فانّه قد ثبت في علم الأُصول أنّ الأمر أو النهي بالجمل الخبريّة أبلغ منهما في الجمل الانشائية ، ولا شكّ أنّ النهي عن الشّيء يوجب حرمة استعماله تكليفيّاً كما يقتضي فساده وضعيّاً فينتج من ذلك أنّ الاضرار بالنفس حرام ، وعلى هذا الأساس نرى أساطين الفقه أفتوا بحرمة استعمال الماء إذا كان مضرّاً.
فقد قال صاحب الجواهر : «وكيف كان فمتى تضرّر لم يجز استعمال الماء ، فإن استعمل لم يجز لانتقال فرضه فلا أمر بالوضوء مثلاً بل هو منهيّ عنه فيفسد ، وما في بعض أخبار الجروح والقروح «أنّه لا بأس عليه بأن يتمّم» ممّا يشعر بالرّخصة لا الوجوب لا يراد منه ظاهره قطعاً ، كما يوضحه مضافاً إلى العقل الاخبار الأُخر ، وكذا كلّ ما كان كذلك من أسباب التيمّم ممّا يفيد تحريم العمل نفسه ، لا ما كان منها ليس فيه تحريم للعمل نفسه ، كالخوف من اللص ونحوه ، فانّه لو خالف وغرّر بنفسه فوجد الماء عاد فرض الماء وإن فعل حراماً في ذلك لتحقّق الوجدان حينئذ عليه ...». (٢)
__________________
(١) الوسائل : ج ١ ، كتاب الطهارة ، الباب ٢ من أبواب التيمّم ، الحديث ٧.
(٢) الجواهر : ٥ / ١١١.