أمراً مفروغاً عنه ، أي كما أنّ الإنسان لا يجوز له الإثم ولا الاضرار بالنّفس فكذلك لا يجوز له أن يضرّ جاره وأن يأثم به.
والمقصود من الجار هنا ليس الذي يكون بيته في جوار بيت الإنسان ، بل هو الذي يجيره المسلم ويعطيه الأمان في زمان الحرب. لأنّ هذه الفقرة من الحديث الذي جاء فيه «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كتب كتاباً بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب إنّ كلّ غازية غزت بما يعقّب بعضها بعضاً بالمعروف والقسط بين المسلمين فانّه لا يجوز حرب إلّا باذن أهلها وانّ الجار كالنفس غير مضار ...».
والتفسير الذي قدّمناه للحديث هو ما يتبادر إلى الذّهن العرفي ، خاصّة مع ملاحظة ما بعده وما قبله من الفقرات. وما قلناه ينسجم مع التفسير الذي ذكره العلّامة المجلسي حيث قال : «قوله : «غير مضارّ» إمّا حال من المجير على صيغة الفاعل أي يجب أن يكون المجير غير مضارّ ولا آثم في حقّ المجار ، أو حال من المجار فيحتمل بناء المفعول أيضاً». (١)
وأمّا ما ذكره المحقّق الخوئي في تفسيره بقوله : «المستفاد منها انّ الجار بمنزلة النّفس ، فكما انّ الإنسان بطبعه لا يقدم على ضرر نفسه ولا يظهر عيوبه فليكن هكذا حاله مع جاره». (٢) ، فهو خلاف الظاهر ويحتاج إلى تكلّف ومئونة زائدة لا تستفاد من ظاهر الكلام مضافاً إلى أنّه لا ينسجم مع سياق الحديث الذي ذكرناه وينسجم مع الجار بمعنى الذي يحل بجوار دار الانسان أكثر ممّا يدلّ عليه الحديث.
الطائفة السّادسة : ما ترتبط بالاضرار بالبدن :
١ ـ روى الكليني باسناده عن إسحاق بن عبد العزيز قال : «سئل أبو عبد
__________________
(١) مرآة العقول : ١٨ / ٣٥٩.
(٢) دراسات الأُستاذ المحقّق الخوئي ، تأليف السيد علي الحسيني الشاهرودي : ٣ / ٣٤٠.