ضرري. وبعبارة أُخرى : حكم يلزم من العمل به ، الضرر على العباد. مثلاً يقال : إنّ حكم الشرع بلزوم البيع مع الغبن ضرر على المغبون فهو منفي في الشريعة.
وعلى ذلك فلو أُريد من الهيئة التركيبية معناها الحقيقي ، أعني عدم الضرر في الخارج ، لزم الكذب. وإن أُريد معناها المجازي ، إمّا من باب المجاز في الكلمة ، أعني إطلاق المسبب (الضرر) وإرادة سببه (الحكم) ، أو من باب المجاز في الاضمار ، والتقدير : (لا حكم ضرري) فلا. وهو المطلوب.
وبالجملة : المراد من نفي الضرر في عالم التشريع ، هو نفي الحكم الضرري. كما أنّ المراد من نفي الحرج ، نفي الحكم الحرجي. فنفي الضرر عنوان لنفي الحكم الموجب له ، فهو من قبيل نفي المعلول وإرادة نفي علّته. فتكون القاعدة حاكمة على جميع العمومات ، الدالة بعمومها على تشريع الحكم الضرري ، كلزوم العقود ، وسلطنة الناس على أموالهم ووجوب الوضوء على واجد الماء». (١)
تحليل نظرية الشيخ الأعظم (قدسسره):
أقول : إنّ فقه الحديث يتوقّف على تعيين فاعل الضرر ومبدئه وأنّه هل هو الشارع بالنسبة إلى المكلفين؟ أو الناس بعضهم إلى بعض؟
لو كان الحديث مذيّلاً بلفظ «في الإسلام» لكان للاحتمال الأوّل وجه لو لا تعارضه ببعض القرائن الدّالّة على الثّاني كما ستعرف ـ وقد عرفت عدم ثبوته.
ولكن هناك قرائن تؤيّد وتثبت الوجه الثاني ، وأنّ فاعله هو الناس ، وأنّ المنفي هو الضرر الوارد من بعضهم على بعضهم الآخر ، لا الضرر الوارد من جانب الشارع ، وإذا ثبت ذلك كان الاستدلال به في الموارد التي يكون منشأ الضرر فيها حكم الشارع ، كإيجاب الوضوء على المريض والصوم والحج على من يتضرّر بهما ، بلا ملاك لما عرفت من أنّ محط النظر في الرواية نفي الضرر الوارد من الناس لا من
__________________
(١) لاحظ رسالة «لا ضرر» المطبوعة في ملحقات المكاسب ، ص ٣٧١.