لا يجتمع مع وجودها في الإسلام كالحدود والديات والغرامات والضمانات ، والضرائب الإسلاميّة كالخمس والزكاة ، واتلاف الملاهي وآلات الطّرب ، واراقة الدّهن النّجس والمرق إلى غير ذلك من الأحكام الضرريّة الكثيرة. وسيوافيك البحث عن هذا في التنبيه الثالث.
الثاني : أنّ المراد نفي الحكم بلسان نفي الموضوع :
ذهب المحقّق الخراساني إلى أنّ المقام من قبيل نفي الحكم بلسان نفي موضوعه وأنّ الغاية هي التأكيد على أنّ الموضوع الضرري لا حكم له.
وحاصله : أنّ النفي بمعناه الحقيقي لا بمعنى النهي لكن لا من باب نفي الحكم ابتداءً ومباشرة ، بل من باب نفي الموضوع استعمالاً لغاية نفي الحكم جدّاً نظير قوله : لا شكّ لكثير الشك ، أو لا ربا بين الوالد والولد. أو بين الزوج والزوجة. فلا شكّ أنّ الأخبار عن عدم الشك في كثيره أو عن عدم الربا بين الطرفين كاذب في نفسه وإنّما يصحّحه كون الهدف من نفيهما نفي أثرهما لا نفي أنفسهما.
قال (قدسسره) في الكفاية : إنّ الظاهر أن يكون «لا» لنفي الحقيقة ، كما هو الأصل في هذا التركيب ، حقيقة أو ادّعاءً ، كناية عن نفي الآثار كما هو الظاهر من مثل «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد». و «يا أشباه الرجال ولا رجال». فانّ قضية البلاغة في الكلام هو إرادة نفي الحقيقة ادعاءً لا نفي الحكم أو الصفة. ونفي الحقيقة ادعاءً بلحاظ الحكم أو الصفة غير نفي أحدهما ابتداءً مجازاً في التقدير أو في الكلمة ... إلى أن قال : ثمّ الحكم الذي أُريد نفيه بنفي الضرر ، هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها أو المتوهّم ثبوته بها كذلك في حال الضرر لا الثابت له بعنوانه لوضوح أنّه العلّة للنفي ، ولا يكاد يكون الموضوع يمنع عن حكمه وينفيه بل يثبته ويقتضيه».