سواء كان هذا باستعمال التركيب في النهي ابتداءً ، أو أنّه استعمل في معناه الحقيقي وهو النفي ولكن لينتقل منه إلى إرادة النهي ... إلى أن قال : فالمدعى أنّ الحديث يراد به إفادة النهي ، لا نفي الحكم الضرري ولا نفي الحكم المجعول للموضوعات عند الضرر. (١)
تحليل نظرية شيخ الشريعة (قدسسره):
ما ذكرناه هو خلاصة كلامه (قدسسره) ، وقد بالغ في تحقيق مرامه. وما ذكره (قدسسره) أوضح ممّا ذكره العلمان ولكنّه أيضاً غير متعيّن بل لا يخلو من إشكال.
أمّا أوّلاً : فإنّ بعض الأمثلة التي ذكرها ليس النفي فيها بمعنى النهي ، حتّى قوله سبحانه : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) بل هو باق على معناه ، ولم يرد منه النهي لا ابتداءً ، ولا انتهاءً بأن يستعمل في النفي ابتداءً لينتقل به إلى النهي. وإنّما استعمل في هذه النماذج في النفي لا تتجاوز عنه وإن كان الغرض الأعلى منها هو النهي. ولكن كون النهي غاية عليا غير كونه مستعملاً فيه ابتداءً أو انتهاءً.
وبالجملة : انّ شيخ الشريعة اختار كون النفي بمعنى النّهي وانّه إمّا استعمل فيه ابتداءً على نحو المجاز ، مثل قوله : «زيد أسد» أو استعمل في النفي ابتداءً لينتقل المخاطب منه إلى النّهي على نحو الكناية مثل قوله : «زيد كثير الرماد» حيث استعمل في معناه اللغوي للانتقال منه إلى لازمه وهو الجود.
هذا ، مع أنّ مقتضى البلاغة التحفّظ على كون النفي بمعناه ، لا بمعنى
__________________
(١) راجع رسالة : قاعدة لا ضرر ، العلّامة شيخ الشريعة الاصفهاني (قدسسره) ص ٢٤ ـ ٢٨ ، ط مؤسسة النشر الإسلامي (التابعة) لجماعة المدرسين بقم المشرّفة (ايران).