بعضهم ببعض بل يناسب نفي الضرر عن محيط التشريع.
وما ذكره (رحمهالله) من أنّ أئمّة اللغة فسّروه بالنهي ، فهو صحيح ، لكن لم يعلم كونهم في مقام بيان المستعمل فيه. بل يحتمل أنّهم كانوا في مقام بيان مقاصد الحديث ومراميه ، سواء كان النفي مستعملاً في النفي أو في النهي.
وعلى كل تقدير ، فشكر الله مساعي المحقّق شيخ الشريعة ، فقد جاء في تحقيق مفاد الحديث وسنده وما يرجع إليهما بأبحاث مفيدة لا توجد في غير رسالته.
الخامس : أنّ النفي بمعنى النهي والنهي مولوي سلطاني لا مولوي إلهي :
ذهب سيّدنا الأُستاذ (قدسسره) إلى أنّ النفي بمعنى النهي ، لكن ليس النهي المستفاد منه حكماً شرعياً إلهيّاً كالنّهي عن الغصب والكذب ، بل النهي حكم مولوي سلطاني ناجم عن كون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حاكماً وسلطاناً على الأُمّة. وقد أوضح نظريته بترتيب مقدّمات وبيان أمور نأتي بملخّصها.
الأوّل : إنّ للنبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم مقامات ثلاثة :
١ ـ النبوّة والرسالة ، ٢ ـ الحكومة والسياسة ، ٣ ـ القضاء وفصل الخصومة.
فبما أنّه نبيّ ورسول ، يبلّغ أحكام الله سبحانه حقيرها وجليلها حتّى أرش الخدش.
وبما أنّه حاكم ، يسوس العباد في البلاد ويقوم بشئون الحكومة في حفظ الثغور وبعث الجيوش ، وجباية الصدقات ، وعقد الاتّفاقيات مع رءوس القبائل والبلاد.
وبما أنّ له منصب القضاء ، يقوم بفصل الخصومات والقضاء بين المتداعيين على الضوابط الشرعية. ولكل من هذه المناصب أحكام وشئون معيّنة.