التنبيه الثاني :
في أنّ المدار في الضرر هل هو الشخصي أو النوعي؟
١ ـ اشتهر في ألسن المتأخّرين أنّ الضرر في العبادات شخصي وفي المعاملات نوعي. ولأجل ذلك لا يصح العدول من الوضوء إلى التيمّم إلّا إذا كان ضررياً بالنسبة إلى شخص المتيمّم ، لا بالنسبة إلى فرد آخر. ومثل الوضوء ، الحج. ونظير «الضرر» ، «الخوف» و «الحرج» فالمدار فيهما مطلقاً على الخوف والحرج الشخصيين لا النوعيين.
وأمّا المعاملات ، فالمدار في كونها ضررية كونها كذلك بالنسبة إلى النوع لا إلى الشخص. ولأجل ذلك حكموا بالخيار ، إذا كان البيع مشتملاً على الغبن ـ وإن غلت السلعة حين ظهور الغبن ـ بما يتدارك به الغبن فلا يكون الحكم باللزوم في مثله موجباً للضرر على المشتري شخصاً ، ولكنّه إذا قيس إلى النوع يكون ضررياً.
وكذلك الأمر في الشفعة ، إذا قلنا بأنّ ملاك الحكم بالشفعة في الأراضي والمساكن هو الضرر ، فيجب أن يحمل على النوعي منه. فإنّه ربّما لا يتوجّه من بيعه للغير أيّ ضرر ، كما إذا باعه من مؤمن ورع.
وكذلك فيما إذا باعه بأقلّ من القيمة السوقيّة جاهلاً ثمّ اطّلع على غبنه في البيع ، عند ما كان البائع عاجزاً عن حفظه إذا استردّه.
ولو قلنا بأنّ المدار في المعاملات هو الضرر الشخصي ، لزم عدم الخيار في هذه الموارد. لأنّ الضرر في صورة الاسترداد ، آكد من ضرره عند البيع بأقلّ من القيمة السوقية.