التنبيه الرابع :
في تقدّم القاعدة على أدلّة العناوين الأوّلية
اتفقت كلمتهم على تقديم القاعدة على أدلّة العناوين الأوّلية ، وإن اختلفوا في وجه التقديم على وجوه وأقوال نشير إليها :
١ ـ تقديم القاعدة من باب الحكومة :
وهذا هو مختار الشيخ الأعظم ، قال في توضيحه :
«إنّ القاعدة حاكمة على جميع العمومات الدالّة بعمومها على تشريع الحكم الضرري كأدلّة لزوم العقود ، وسلطنة الناس على أموالهم ، ووجوب الوضوء على واجد الماء ، وحرمة الترافع إلى حكّام الجور ، وغير ذلك.
وما يظهر من بعضهم من احتمال التعارض بين العمومات المثبتة للتكليف وهذه القاعدة ثمّ ترجيح هذه إمّا بعمل الأصحاب وإمّا بالأُصول كالبراءة في مقام التكليف وغيرها في غيره ، فهو خلاف ما يقتضيه التدبّر في نظائرها من أدلّة رفع الحرج ، ورفع الخطاء والنسيان ، ونفي السهو على كثير السهو ، ونفي السبيل على المحسنين ، ونفي قدرة العبد على شيء وتنميته. مع أنّ وقوعها في مقام الامتنان يكفي في تقديمها على العمومات.
والمراد من الحكومة أن يكون أحد الدليلين ـ بمدلوله اللفظي ـ متعرّضاً لحال دليل آخر من حيث اثبات الحكم لشيء أو نفيه عنه. فالأوّل مثل ما دلّ على الطهارة بالاستصحاب أو شهادة العدلين ، فانّه حاكم على ما دلّ على أنّه «لا صلاة إلّا بطهور» ، فانّه يدلّ على أنّ ما ثبت من الأحكام للطهارة مثل : «لا صلاة إلّا بطهور» ، ثابت للمتطهّر بالاستصحاب أو بالبيّنة. والثاني مثل الأمثلة المذكورة.