اتسع نطاقه وضرب بجرانه (١) ، فامرؤٌ وما اختار» (٢).
وروي نظير ذلك في كلام الإمام الصادق (عليهالسلام) في وجوب دفع الخمس إليهم ، روى يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبد الله (عليهالسلام) فدخل عليه رجل من القماطين ، فقال : جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أنّ حقّك فيها ثابت وإنّا عن ذلك مقصّرون. فقال أبو عبد الله (عليهالسلام) : «ما أنصفناكم إن كلّفناكم ، ذلك اليوم» (٣).
وفي رواية عن عليّ بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني (عليهالسلام) ما يدلّ على إيجاب الخمس على الشيعة سنة عشرين ومائتين فقط (٤).
إذا وقفت على ما ذكرنا ، فاعلم أنّ تأثير الأزمنة والأمكنة في الاجتهاد والاستنباط يجب أن يفسّر على وجه لا يصادم الأصول المسلّمة من كونه تشريعاً عالمياً خاتميّاً وأنّه ليس لغيره سبحانه حقّ التشريع ، وفي الوقت نفسه مرونة الأحكام مع جميع الأزمنة والأمكنة ، وأنّها لا تصادم أيّة حضارة من الحضارات الإنسانية وإليك بيانه على ضوء تلك الأُصول :
إنّ الحكم الشرعيّ ربّما يكون مكتنفاً بخصوصيّات تعدّ مقوّمة للحكم الشرعي فيتغير بتغيّرها ويتبدّل بتبدّلها ، ولا يعني ذلك رفض الحكم الإلهيّ أو إنكار عالمية التشريع ، وأبديّته ، بل بمعنى تغيّر الحكم بتغيّر الموضوع والجهات المقوّمة له عند نفس الشارع ، فكما أنّ الحكم بطهارة الكلب مع صيرورته ملحاً أو تراباً لا يعدّ خلافاً له ، هكذا تغيّر الحكم بتغيّر الخصوصيّات الأُخر لا يعدّ خلافاً له.
__________________
(١) جران : مقدّم عنق البعير ، يضرب به على الأرض إذا استراح وتمكّن.
(٢) نهج البلاغة ـ قسم الحكم ـ رقم ١٧.
(٣) الوسائل : ٦ / ٣٨٠ ح ٦ ، الباب ٤ من أبواب الأنفال.
(٤) المصدر نفسه : ٦ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠ ح ٥ ، الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس.