أسألك بفلان إلا ما قضيت لي حاجتي ، فعن ابن عبد السلام جواز ذلك في النبي صلىاللهعليهوسلم لأنه سيد ولد آدم. ولا يجوز أن يقسم على الله بغيره من الأنبياء أو الملائكة أو الأولياء. لأنهم ليسوا في درجته.
ومن الناس من منع التوسل بالذات ، والقسم على الله بأحد من خلقه مطلقا ، وهو الذي ترشح به كلام ابن تيمية ونقله عن أبى حنيفة وأبى يوسف ، وغيرهما من العلماء الأعلام. ثم قال بعد كلام طويل :
وبعد هذا كله فأنا لا أرى بأسا في التوسل إلى الله ـ تعالى ـ بجاه النبي صلىاللهعليهوسلم حيا وميتا ويراد من الجاه معنى يرجع إلى صفة من صفاته ـ تعالى ـ مثل أن يراد به المحبة التامة المستدعية عدم رده وقبول شفاعته فيكون معنى القائل : إلهى أتوسل بجاه نبيك صلىاللهعليهوسلم أن تقضى لي حاجتي ، أى : إلهى أجعل محبتك له وسيلة في قضاء حاجتي ، بل لا أرى بأسا ـ أيضا ـ في الإقسام على الله ـ تعالى ـ بجاهه صلىاللهعليهوسلم بهذا المعنى.
ثم قال : وإن الناس قد أكثروا من دعاء غير الله ـ تعالى ـ من الأولياء. الأحياء منهم والأموات وغيرهم. مثل يا سيدي فلان أغثنى. وليس ذلك من التوسل المباح في شيء.
واللائق بحال المؤمن عدم التفوه بذلك. وأن لا يحوم حول حماه ، وقد عده بعض العلماء شركا ، وإن لا يكنه فهو قريب منه.
فالحزم التجنب عن ذلك وعدم الطلب إلا من الله ـ تعالى ـ القوى الغنى الفعال لما يريد» (١).
وبعد أن حض ـ سبحانه ـ عباده المؤمنين على تقواه والتقرب إليه بصالح الأعمال لكي ينالوا الفلاح والنجاح ، عقب ذلك ببيان ما أعده للكافرين من عذاب أليم فقال ـ تعالى ـ :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ)(٣٧)
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٦ ص ١٢٤