قال الراغب : الركوع : الانحناء وتارة يستعمل في الهيئة المخصوصة في الصلاة ، وتارة يستعمل في التذلل والتواضع إما في العبادة وإما في غيرها» (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ حسن عاقبة الذين يوالون الله ورسوله والمؤمنين فقال : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ). والحزب معناه الجمع من الناس يجتمعون على رأى واحد من أجل أمر حزبهم أى أهمهم وشغلهم.
والمعنى : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ) ـ تعالى ـ بأن يطيعه ويتوكل عليه ، ويتول (رَسُولَهُ) بأن يتبعه ويتأسى به ، ويتول (الَّذِينَ آمَنُوا) بأن يناصرهم ويشد أزرهم ويتعاون معهم على البر والتقوى ، من يفعل ذلك لا شك في حسن عاقبته وظفره بالفلاح والنصر «فإن حزب الله هم الغالبون» لغيرهم من الأحزاب الأخرى التي استحوذ عليها الشيطان.
و (مَنْ) في قوله (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ) شرطية ، وقوله : (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) دليل على جواب الشرط.
أى : ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا يكن من حزب الله المنتصر القوى ، فإن حزب الله هم الغالبون.
وقال ـ سبحانه ـ فإن حزب الله ، ولم يقل حزب الله ورسوله ، للإشارة إلى أن الرسول صلىاللهعليهوسلم لا يعمل إلا بأمر من الله ـ تعالى ـ وأنه صلىاللهعليهوسلم لا يستمد العون والنصرة إلا منه ـ سبحانه ـ.
قال بعض العلماء : وقوله ـ تعالى ـ (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) معناه : فإنهم الغالبون.
فوضع الظاهر موضع الضمير العائد إلى من دلالة على علة الغلبة.
وهو أنهم حزب الله. فكأنه قيل : ومن يتول هؤلاء فهو حزب الله ، وحزب الله هم الغالبون. تنويها بذكرهم ، وتعظيما لشأنهم ، وتشريفا لهم بهذا الاسم ، وتعريضا لمن يوالى غير هؤلاء بأنه حزب الشيطان» (٢).
وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة قد نهت المؤمنين نهيا شديدا عن موالاة أعداء الله ، لأن موالاتهم قد تجر إلى الارتداد عن الدين الحق ، ومن يرتد عن الدين الحق فلن يضر الله شيئا ، لأنه سبحانه ـ قادر على أن يأتى بقوم آخرين صادقين في إيمانهم بدل أولئك الذين ارتدوا على
__________________
(١) المفردات في غريب القرآن ص ٢٢.
(٢) تفسير القاسمى ج ٦ ص ٢٠٤٥.