تفسير سورة المائدة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ)(١)
وقوله : (أَوْفُوا) من الإيفاء. ومعناه : الإتيان بالشيء وافيا تاما لا نقص فيه ، ولا نقص معه. يقال وفي بالعهد وأوفى به إذا أدى ما التزم به.
قال صاحب الانتصاف : ورد في الكتاب العزيز (وَفَّى) بالتضعيف في قوله ـ تعالى ـ : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى). وورد «أوفى» كثيرا. ومنه (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ). وأما (وَفَّى) ثلاثيا فلم يرد إلا في قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ) لأنه بنى أفعل التفضيل من «وفى» : إذ لا يبنى إلا من ثلاثي» (١).
والعقود : جمع عقد ـ بفتح العين ـ. وهو العهد الموثق.
قال الراغب : الجمع بين أطراف الشيء. ويستعمل ذلك في الأجسام الصلبة كعقد الحبل ، وعقد البناء. ثم يستعار ذلك للمعاني نحو عقد البيع والعهد وغير هما : فيقال : عاقدته ، وعقدته ، وتعاقدنا.
وهو مصدر استعمل اسما فجمع نحو. (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٢).
وقد فرق بعضهم بين العقد والعهد فقال : «والعقود جمع عقد وهو بمعنى المعقود وهو أوكد العهود. والفرق بين العقد والعهد أن العقد فيه معنى الاستيثاق والشد ، ولا يكون إلا بين متعاقدين. والعهد قد ينفرد به الواحد. فكل عقد عهد ولا يكون كل عهد عقدا» (٣).
__________________
(١) حاشية ابن المنير على الكشاف ج ١ ص ٦٠٠.
(٢) المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ص ٢٤١.
(٣) تفسير الطبرسي ج ٦ ص ٧ طبعة مكتبة دار الحياة سنة ١٣٨٠ ه.